24 أكتوبر 2013

الابن العائد


ماجد شاب حصل على الاعدادية بصعوبة و لما لم تقبله اي من المدارس الثانوية ادخله ابوه مدرسة خاصة بمصروفات بالفجالة..

منذ هذا الوقت و ماجد قد تعرف على اصدقاء السوء.. انتقل من السنة الاولى الى الثانية في سنتين و من الثانية الى الثالثة في ثلاث سنوات. بقى في الثالثة اربع سنوات دون ان يحصل على شئ. هو الان في الخامسة و العشرين من العمر. لا يتناول بالمنزل سوى فنجانين من القهوة في الصباح. غذاؤه في الخارج، عشاؤه في الخارج، يعود دائما بعد منتصف الليل..
***

ماجد و صديقه كمال يمشيان في منتصف الطريق و كأن الطريق قد لفظهما على التو، الي يراهما من الخلف يظنهما على حافة السُكر. جسمان قد تعودا التسكع، و المسافة التي تفصل بينهما و هما يتسكعان غير ثابتة. و بينما يضع احدهما كلتا يديه في جيب بنطلونه علّق الاخر ابهامه في عيون حزامه الامامية.

الساعة الان قد جاوزت الثانية صباحا، لا يوجد بالطريق احد سواهما.

موضوع حديثهما اثناء سيرهما هذه الليلة ذو شجون. الفكرة مغرية..

الفكرة تقول طالما انه قد فشل الاثنان في الوصول الى شئ بمصر فلماذا لا يرحلان الى بلد اخر.. اليونان مثلا، ايطاليا! لماذا لا يجربان حظهما في ميدان المال حيث لا طبيعة و لا كيمياء..
- ما رأيك؟
قالها كمال و هو يعطي ماجد طرف عينيه.
- فكرة عظيمة و لكن..
- ماذا؟ مصاريف السفر؟
- هذا هيّن. ان وافق والدي فليس ثمة مشكلة. المشكلة في ان لا يوافق..
- لا يوافق. انت احمق؟ كم عمرك؟ أانت عيّل؟.. حادثه في الموضوع. لا تتوقف عن الزن حتى تحصل على ما تريد. ان اصر على الرفض هدده بترك البيت وعدم العودة..
- انت شيطان.
- انا فقط اساعدك في حل مشكلتك.
***

قام ماجد من النوم، رغبته في النوم باقية، لا يستطيع احد ان يوقظه، لقد كفّوا عن ذلك منذ عهد بعيد بعد ان كانت كل محاولة يعقبها عراك، انه يستيقظ وحده بعد ان يكون النهار قد تقدم كثيرا. ثم بعد ان يقيم قامته الى نصفها يضيّع ثلث ساعة اخرى حتى يفيق الى نفسه، ثم يرفع الغطاء من على ساقيه في بطء و يقف، ليتجه في ثقل شديد ناحية المطبخ ليصنع قهوته بنفسه.
في هذا اليوم اتجه الى ابيه بعد ان رسم ابتسامة على وجهه و سأله:
أتشرب قهوة.. معي .. يا ابي؟
رد في بساطة:
- اشرب..
و صنع ماجد قهوة تكفيهما معا، و اتجه بالصينية الى حيث يجلس والده. و ملآ فنجان ابيه و فنجانه راح يرتشف قهوته في صمت، و هو لا يعرف كيف يبدأ. قال والده و كأنه قد نسى طباع ابنه:
- قهوة على الريق. افطر اولا. هذا ضار بصحتك.
ابتسم ماجد متماديا في لطفه، فكشف عن اسنان صفراء و كأنها لكهل:
- انا بخير يا ابي. لا تستطيع معدتي ان تتقبل شيئا عقب الاستيقاظ مباشرة. ليس قبل ساعتين.
- انت حر يا بُني. ليقويك الله..
ثم آثر الصمت. و صمته جعله يتأمل ابنه الذي يجلس امامه. يلبس جاكتة على اللحم. وجهه شاحب. و السهر قد اورم جفنيه، و رغم كونه في الخامسة و عشرين الا انه قد بدا لابيه و كأنه في الخامسة و الثلاثين و يزيد.. فتولاه الحزن. لكن ماذا يقول!

الا ان الصمت لم يطل. فبعد عدة رشفات من فنجان القهوة تشجع ماجد و ابتدأ يتكلم، فخانه صوته اولا. فداراه بنحنحة مفتعلة ثم قال: 




- ابي. انت تعلم انني قد اضعت سنين كثيرة في الدراسة بلا طائل. و بينما اصبح مجدي اخي مهندسا مازلت انا في القاع.. الا ترى ذلك؟
- ...
- ثم انني يا ابي قد تقدم بي العمر. ان لم يكن هذا هوطريقي ينبغي ان ابحث لنفسي على طريق اخر..
- و ماذا ترى يا بني؟
- ارى ان اعمل.
- لن يوظفك احد يا بني بغير شهادة.
- انس قصة الشهادة هذه. لا اريد ان يوظفني احد.
سأذهب الى حيث لا يعطون شأنا عظيما للشهادات.
- اين ستذهب؟
- سأسافر الى اليونان.
انزعج الاب لما يسمع.
- اليونان؟ ما الذي يجعلك تترك ارضك يا بني. هل طلبت شيئا مني و رددتك. البيت ملئ بالخير و الحمد لله. ثم انني راحل فأيامي تقترب من نهايتها. كيف ستترك اخاك و امك؟
- سيبدأ الشد. سيحاول ماجد ضبط اعصابه قدر ما يستطيع، سيأخذ و يعطي مع ابيه بصبر لم يعهده. فهو ان شد الان في الحديث مع ابيه فماذا سوف يفعل عندما يطلب من ابيه هذا الرقم الخيالي من المال..
و بعد حوار طال بعض الشئ رأى عم يوسف ان يسلم امره لله بعد ان اقنع نفسه بوجهة نظر ابنه. ا.. ربما! هو نفسه لا يعرف اكثر من القراءة و الكتابة و تمكن من ان يصنع شيئا. فليعط ابنه فرصته اذن، لكنه يود ان يكون ابنه بقربه.. قال بعد تردد..
- اذهب يابني ليباركك الله و ليجعل النجاح في خطواتك.
- .. احتاج الى نقود..
- ماذا تريد؟ سأعطيك ثمن التذكرة. و شيئا اول كل شئ حتى تقف على قدميك.
و بدلا من يتدرج ماجد في طلب ما يريد رأى ان يفجر القنبلة مرة واحدة..
- لا اريد ان يستخدمني يا ابي احد فيذلني، سأفتح هناك تجارة لاحيا حرا.
- افتحها هنا
- هنا؟ لا. الفرص هناك افضل.
- ماذا تريد اذن؟
- اريد .. نصيبي من الميراث..
و انزعج عم يوسف لما يسمع.
- اي ميراث؟ ترث فيّ و انا ما زلت حيا؟
رأى ماجد انه من الاوفق ان يرفع من طبقة صوته قليلا:
- أليس فراقي لك يا ابي و كأنه فراق الاحياء للاموات. لماذا لا تكون واقعيا و تعطيني نصيبي؟
و التمعت عينا عم يوسف بالدموع و هو يشعر بالقهر الشديد.
- أتقسو عليّ هكذا حتى و انت راحل؟
- انا ابنك. و راحتي عندك اهم من اموالك. اطمئن. سأصون ما تعطيه لي. اعطني عشرة الاف جنيه لاعود لك بعد ثلاثة سنوات بمئة.
- عشرة الاف جنيه؟!!..
و بكى الاب عن ضعف. و تحرك قلب ماجد اذ يرى اباه يبكي.
- علام تبكي يا ابي؟
- لا ابكي نفسي يا ابني، فبيني و بين القبر خطوات، و ابكي ما تطلبه مني فالذي جمعته كان لكما انتما الاثنان. انني ابكي فراقك.


***
اثينا
   تمشي في شوارعها تشعر كما لو كنت تمشي في الاسكندرية، نظيفة، ارضها تلمع و كأنها غسلت في الصباح الباكر بالماء و الصابون. تسمع الاثينيين يتكلمون فتشعر أنك قد اخذت الى ايام سقراط يجلس في سوق من اسواقها و حوله المعجبون به ينصتون اليه و هو يتحدث و يتحدث. معبد هنا و معبد هناك، اعمدة اثينية، جمال اثيني. شأنها شأن روما خليط عجيب بين الماضي و الحاضر.
    لكنك في اثينا لن ترى غير وجه واحد لها، الامر يعتمد عليك، ان كنت طالب فُرجة على ايامها الاولى سترى اثينا ما قبل الميلاد، ان كنت تعشق مجتمعها و تقاليد شعبها و اسلوب الحياة فيها ستنقلب اثينا خصيصا لك الى مقاه و مطاعم و شوارع ضيقة. ان كنت مسيحيا فان لك في كل بلد ركن صلاة و ستتحول اثينا خصيصا لك الى مدينة الملك المسيح، كنائسها في كل ركن، في كل شارع واسع او ضيق، سترى في شوارعها الذين يرسمون علامة الصليب بوضوح على صدورهم كلما مروا امام كنيسة. اما طالبو المتعة و اللهو ستتحول اثينا لهم الى ملهى كبير، الاضواء الملونة و الراقصة تغطي واجهات مبانيها و تعلو سطح عماراتها العالية. كل شئ كما ترى يعتمد عليك.
***

البحث عن عمل في اثينا اصعب منه الحصول على عمل. اسهل لو تركت المدينة و رحلت الى الضواحي حيث المصانع و حيث من الممكن ان يكون الصاحبان ايد عاملة فهما لا يعرفان من اليونانية الا بضعة كلمات قليلة. و ماجد لا يريد ان يترك اثينا.
 

***
و تمضي الايام ..

ماجد و صاحبه كمال يقفان على ناصية كنيسة كبيرة، جميلة، سوداء في حلكة المساء لكنها مضاءة بالتمام من الداخل، سوداء و جميلة، من حين لاخر تضج الكنيسة بصيحات الابتهاج و الفرح. قال ماجد:
- على ما يبدو فرح.. بالداخل.
رفع كمال رأسه لاحدى النوافذ و لم يعلق. قال ماجد:
- هيا ندخل.. نتفرج.
- نتفرج على ماذا؟ كنيسة؟ ألم ترى كنيسة من قبل؟
- فرح يوناني!! .. نتفرج..
- هل يا ترى سأتزوج يوما، و اصبح كبقية خلق الله؟!
- هه. انت؟! .. ليس في عهدي. ابدا. طالما نحن اصدقاء.
***

(خطاب من والده جاء فيه)

... ايه ايها الحبيب ماجد، لا انام الان الا بصعوبة، ليس فقط لانك تركتني
و رحلت لكن لسبب ما سمعته عن شقائك و حزن نفسك و ضياعك. عد يا بنيّ. عد. كن كالابن الشاطر الذي يتحدث عنه الكتاب المقدس. الذي اذ عاد الى نفسه عاد الى ابيه. لن تجد راحة الا في بيتك. فرحتي بعودتك لن يماثلها فرح في العالم.
مرفق معه تذكرة طائرة مفتوحة. اشتريتها من شركة مصر للطيران حتى لا يكون ثمنها سببا في ترددك في العودة. امك و انا نصلي من اجلك ليل نهار، بالامس كنا نتحدث و جاء ذكرك في سياق الحديث فلم تمض لحظات الا و فاضت دموعها...
***

كمال يقف على الناصية الاخرى في الطريق المواجه للمطعم، و عود كبريت يهتز بين شفتيه يسوك به اسنانه، ينتظر ماجد ريثما يدفع الحساب عن العشاء الذي تعشياه سويا.
- لماذا لم تنتظرني؟
- ابتسم كمال ابتسامة ماكرة و لم يردّ.
- تأكل و تهرب؟ ألم نأكل سويا؟
- لم يرد، بل غمز لصديقه بعينه غمزة جهنمية بلا معنى و مضى في طريقه يصفر بشفتيه بعد ان بصق بما كان عالقا بشفتيه على الطريق.. ثم بعد قليل سأله:
- هل اجد معك سيجارة؟
- قال ماجد و هو ممتلئ حنقا:
- لا ليس معي. لماذا لم تدفع الحساب مما اخذته منى بالامس؟
- ماذا اخذت؟
- الا تذكر؟ عندما اعطيتك ورقة بألف دراخمة لتدفع اجرة التاكسي.
- الا زلت تذكر انت؟ انس.. انس..
- كظم ماجد غيظه. صاحبه لا يكفيه ان يعيش من جيب صاحبه بل ايضا يكدّس..
- لابد ان نجد عملا.
- ولم العمل؟
- النقود تتبخر..
- دعها تتبخر حتى نرى قطراتها الاخيرة. يومئذ سنبحث عن عمل.
- لم نتفق على ذلك
- اعطاه كمال طرف عينيه و قال:
- هل انت قلق؟
- نعم قلق.
- فربت كمال على ظهره باستخفاف و قال و هو يمد بشفتيه كمن يداعب مولودا.
- لا تخف يا بوبتي الصغير. كل شئ سيكون على ما يرام.
***

ومرت ايام..

الساعة الان الثانية عشرة ظهرا، ما زال شيش النافذة موصدا و الشمس في الخارج تصنع شرائط ذهبية على ارض الحجرة.
تقلب ماجد على فراشه و امتدت يده و هو نصف نائم الى وجنتيه و تحسس موضع الالم اكثر باصابعه، لحم وجهه منتفخ حول عينه اليسرى. حاول الضغط اكثر فشعر بألم فظيع. تحرك في سريره في بطء و جلس في فراشه و تلفت حولهو تذكر ما حدث بالامس. نزل عن سريره و اتجه ناحية المرآة لينظر ما لحق بوجهه، هالته الكدمة الزرقاء الكبيرة التى حول عينيه، تلفت الى سرير كمال لم يجده في فراشه، اصاخ السمع لعله في الحمام بالخارج. لا صوت. تردد في النداء عليه بعدما حدث ليلة امس الا ان قلبه لم يطاوعه فصاح في صوت خائر..
كمال. اين انت؟
لا رد
بحث عن شبشبه و انتعله و اتجه ناحية المطبخ.. لا احد بالمطبخ، لعله بالخارج يشتري شيئا. كم الساعة الان.. الثانية عشرة و النصف. جلس على حافة الفراش و عندما مرت احداث الامس بذاكرته احتقن حلقه لكثرة الحزن، و فاضت دموعه في صمت.. لاول مرة يبكي منذ ان كان طفلا. ثم حانت منه التفاتة الى الغطاء المتكوم في منتصف سريره ليلتط ورقة و يقرأ ما بها..
 

ماجد..

بعدما حدث بالامس رأيت ان ارحل و انه من الافضل لنا ان نفترق حتى لا يتكرر ما حدث. ليس لي عنوان حتى اتركه لك. و اصارحك انني لا انوى ان اراك ثانية


كمال

    سقطت القصاصة من بين اصبعه على الارض و ترك جسمه ممددا على الفراش لوقت طويل، يقرأ في سقف حجرته و هو يقظ حلما استعاد فيه قصة ضياعه الابدي. ثم اعتدل في رقدته، الذي يرى وجهه يهوله منظره، وجهه منتفخ من معركة الامس.. ظل هكذا بلا حراك قرابة الساعة.. قصد بنطلونه و بحث كل جيوبه كل ما كان يجده كان يقذف به على السرير .. لم يجد معه سوى الفان و مائتان دراخمة، سيدفع منهم 500 ايجار الحجرة و يتبقى بعد ذلك ما لا يكفي اكله اربعة ايام دون مبيت..
عليه الان ان يبحث عن عمل .. اي عمل و الا يهلك جوعا...***


   الشمس مالت و اختفت وراء الابنية العالية. ماجد الان يقف وحيدا لصق الحائط بين حانوتين.. و أح رجليه ملتفة على الاخرى، حزين و ساهم، قميصه قذر و جوربه من الاتساخ يأكل في اصابع قدميه. منذ ان خرج من الفندق ظهر هذا اليوم و هو يبحث عن عمل..
المحل الذي عن يمينه محل لبيع الكتب، روايات مستعملة..
- أأجد عمل لديك؟
- تريد عملا؟ هه. أأنت يوناني؟
- لا انا من مصر
- انني ابحث عن واحد لمدة ساعتين فقط عند الظهر ليعتني بالمحل.. ما رأيك؟
- موافق.
- سأعطيك 50 دراخمة في الساعتين.
- 50 دراخمة؟ في الساعتين؟ هذا قليل.
كشر الشاب عن انيابه و انتهره
- اذن ابتعد.. لا وقت عندي.
- موافق
بين الواحدة و الثالثة كان ماجد يعتني بمحل الكتب الرخيص، قراء الحثالة او حثالة القراء يمرون ليقلّبوا في الكتب، قاع الكومة يصبح قمتها، ثم يأتي اخر ليجعل قمتها قاعها، و ماجد لا يفعل شيئا سوى انتظار من يشتري، يجلس في ركن هناك على مقعد خشبي عال بلا مسند لا يحرك ساكنا.
***
في اليوم السادس
الذي يرى ماجد و هو جالس هناك في ركن المحل يمكنه ان يقرأ فيه سطورا طويلة من التعاسة التى تجوزها النفس عندما تجمح وراء نزوات الجسد العابرة لتشرب من بعد جموحها كؤوس المر.عينان غائرتان، شعر اشعث. انه دائم التفكير فيما وصل اليه حاله، عشرات الاسئلة تمر بعقله المتعب، تذهب لتعود و تمر مرة ثانية: كيف هانت عليه نفسه؟ كيف استأمن صديقا بهذا الشر؟ كيف بعثر نحو ثلث ثروة ابيه في عشرة شهور؟
يا لضياع العمر.

انه الان في الثلاثين، لا هو قد تعلم، و لا هو قد اتقن حرفة يتعيش منها، حتى امله في ميراث ابيه ليبدأ به تجارة ضيّعه في تجارة غير رابحة مع الشيطان.

اين يذهب الان؟ و ماذا يفعل؟
انه هنا لا يملك ثمن رغيف صغير به حثالة لحم خشن يبيعونه على قارعة الطريق.
العودة!!
الذي يمنعني من العودة هو خجلي من .. ابي..
ما العمل اذن! اي شئ غير العودة؟ ان كان تردده سببه خجله من ابيه و شعوره الضاغط بالندم لالاف الجنيهات التي اضاعها في شهور بينما جمعها ابوه بالجهد في سنوات.. فليكن!
لقد اضاع شبابه في صحبة صديق فاسد كان يصاحبه كل ليلة ليترددا على ملاهي المدينة ليدفع هو الحساب في نهاية الليلة عنهما معا و عندما تبخر المال الوفير تبخر صديقه معه و اختفى. ما مضى ضاع. كيف يمكن اصلاحه؟ نعم.. سيعود. ابوه على كل حال ترجاه ان يعود: عد يا بنيّ .. عد، هكذا كتب له مرات.
سأعود..
سأقول له.. قد اخطأت..
سأقول له .. لا استحق ان ادعى لك ابنا. لا استحق ان تقبلني تحت سقفك، لكن .. ها انا.. معك.. ثانية! سأبدأمعك من جديد. ليس بوسعي ان اعدك بحصولي على شهادة دراسية، لكنني استطيع ان اعدك انه. لا ملاهي. لا اصدقاء سوء.. لا سهر. لا صراخ. و سأنتظر ما يأتي به الله بخصوص مستقبلي.
مدّ ماجد يده لحقيبة يد صغيرة كانت الى جواره حيث كان يجلس، و فتحها ليبحث بين محتوياتها من اوراق، عن تذكرة العودة التي كان والده قد ارسلها له منذ نحو ثلاثة شهور و رجاه بها .. ان يعود.